اليوم الثاني للمؤتمر الدولي "ديمومة الإعلام الرقمي: مقاربات من الشرق الأوسط والعالم" لعام 2016 في بيروت

yes بيان صحافي - بيروت، 30 نوفمبر 2016

 

اليوم الثاني للمؤتمر الدولي

"ديمومة الإعلام الرقمي: مقاربات من الشرق الأوسط والعالم" لعام 2016 في بيروت

استضافت بيروت اليوم 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، لليوم الثاني توالياً المؤتمر الدولي بعنوان "ديمومة الإعلام الرقمي: مقاربات من الشرق الأوسط والعالم" لعام 2016، من تنظيم مؤسسة "مهارات" وأكاديميّة "دوتشيه فيلليه"، ويستمر المؤتمر ليوم غد الأول من كانون الأول/ديسمبر 2016، في الكراون بلازا، بالحمراء.

شارك في المؤتمر في يومه الثاني خبراء وناشطون في مجال الإعلام الرقمي من حول العالم، وتطرقت النقاشات وورش العمل والجلسات الى كيفية تحقيق ديمومة ماليّة ونوعيّة للإعلام الرقمي، كيفية مطابقة جودة المضمون لمتطلبات شركات الإعلانات، وكيف يمكن تأمين التمويل للمؤسسات الإعلامية سواء عبر موقع "تويتر" أو من خلال تنشيط قسم التسويق.

جلسة "دروس من مؤسسات رائدة في مجال الاعلام الرقمي"

افتتح اليوم بجلسة نقاش حول "دروس من مؤسسات رائدة في مجال الاعلام الرقمي"، عرضت للتطوّرات في أميركا وأوروبا في مجال الإعلام الرقمي، وتمّ عرض تجربة مؤسستين شهيرتين لاستراتيجيّتيهما الرقمية، وطريقة فهم سير الاعمال وكيف يمكن لتلك التطورات التأثير على الاقتصادات الصغيرة في السنوات القادمة. شارك في الجلسة التي يسّرتها ديما ترحيني، مذيعة محررة في "دوتشيه فيليه" العربية، خبيران في مجال الاعلام الرقمي من ألمانيا.

ترزكا

اعتبر بيتر ترزكا، مخطّط استراتيجي للمحتوى الرقمي في ألمانيا، أن "السوق الألماني هو الأكبر في أوروبا بالنسبة لوسائل الاعلام التقليدية وخصوصاً المطبوعات، حيث أن 50 مليون صحيفة تباع في ألمانيا يومياً". وعزا السبب في ذلك إلى "التزام الألمان بوسائل الاعلام التقليدية النابعة من عدم الرغبة في تغيير العادات". ورأى أن "السبيل الى زيادة الإقبال على الاعلام الرقمي يكون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للأخبار مثل موقع فايسبوك". وأضاف "من المهم أن ننتج محتوى مميزاً وأن نعرف من هو الجمهور المستهدف وهل هو مستعد أن يدفع للحصول على المحتوى".

واضاف ترزكا "من الممكن ان يتدنّى عدد القراء عند تنفيذ استراتيجية الدفع من أجل الحصول على المحتوى، لكن بعد وقت قليل سيعود ويرتفع مجدداً خصوصا اذا كان المحتوى المقدّم مميّزاً".

فهرنباخ

من جانبه، أشار كريستيان فهرنباخ، عضو مؤسس لـKarutreporter في المانيا، الى "أن الأخبار الرقمية تنمو بشكل أكبر في السوق الاوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وسبب هذا النمو في استهلاكها من قبل الشابات والشباب". اما في ما يخصّ استهلاك الأخبار والحصول على مردود مادي في بلدان تعاني من الحروب، قال: "يمكن الإفادة من وجود اللاجئين في الدول التي يقيمون فيها في اوروبا، لأن أولئك يرغبون بمعرفة الأخبار في بلدانهم ولسوف يدفعون مقابل الأخبار الرقمية".

ورأى فهرنباخ "أن بناء الثقة بين الوسيلة الإعلامية الرقمية والجمهور يساهم في دعم المؤسسة ماديًّا، ومثال على ذلك إنشاء أحد المهتمين برياضة كرة السلة في أميركا موقعاً متخصصا تمكّن بعد ثلاث سنوات من تقديم المحتوى مجانياً من الطلب من الجمهور الدفع مقابل الحصول على المحتوى، وفي النتيجة تفاعل الجمهور بشكل إيجابي، والسبب هو وجود الثقة بين الطرفين".

فتح المجال خلال الجلسة أمام الجمهور لطرح الأسئلة والتفاعل وتبادل الأفكار والآراء.

جلسة "كيفية استعمال تويتر لجمع الأموال؟"

انطلقت الجلسة الثانية حول "كيفية استعمال تويتر لجمع الأموال؟" بعرض عملاني عن إمكانية الإفادة من موقع "تويتر" كونه من أكبر المنصّات في وسائل التواصل الاجتماعي. وتناول النقاش أبرز ما يجب على المؤسسات الاعلامية معرفته لاستعمال "تويتر" بطريقة فاعلة. كما حاولت الجلسة الإجابة على الأسئلة التالية: هل نشر الفيديو ضرورة لمستخدمي "تويتر"؟ كيف يمكن للمؤسسات الاعلامية استخدام "تويتر" لزيادة المردود المالي؟

أدارت الجلسة ديما ترحيني، مذيعة ومحررة في "دوتشيه فيلليه العربية" بألمانيا، وتحدّثت فيها  كيندا ابراهيم، مديرة الشراكات الاعلامية لمنطقة الشرق الاوسط، من شركة "تويتر".

في عرضها، تطرّقت ابرهيم إلى الزخم في استخدام "توتير" والتفاعل عبره في المنطقة العربية، مقدّمة أمثلة عديدة منها التغريدة الأولى لجاك دورسي باللغة العربية في شهر رمضان الماضي. كما عرضت أرقاماً تؤكّد انخراط الأفراد في مواقع التواصل الاجتماعي والرقميّات، حيث أن دقيقة واحدة من أصل 4 دقائق يمضيها الشخص مستخدماً هاتفه الخلوي.

وذكرت ابرهيم أن دولة الإمارات العربية المتحدة أعلنت تشكيلة حكومتها عبر "تويتر"، كما أن الفنانون العرب يطلقون ألبوماتهم عبر الموقع نفسه. وقالت: "72 في المئة من مستخدمي تويتر يزورونه كل يوم"، وأكدت "أن الموقع يستحدث بيئة للتأثير على الجماهير وأن مستخدميه هم من المؤثرين في مجتمعاتهم". إلى ذلك، قدّمت شرحاً حول "twitter amplify"، الخدمة الجديدة من "توتير"، معرّفة بها وبطريقة عملها وكيف يمكن للشركات الإفادة منها لبث أخبارها وتغريداتها.

وأشارت إلى أن 58 في المئة من مستخدمي "تويتر" يتواجدون عليه خلال مشاهدتهم للتلفاز، وأن ثلثي أولئك المستخدمين يجدونه أكثر تسلية. من هنا فإن الخدمة الجديدة تسمح بزيادة مفهوم الرعاية، وتزيد الترابط بين مستخدم amplify ومشاهد التلفزيون في الوقت نفسه.

كما لفتت إلى ربط "تويتر" لشركات عالمية مثل "ليبتون" مع صفحات وسائل إعلام عالمية "مثل باز فيد" ضمن فيديوات للأخيرة عن انتخابات الرئاسة الأميركية. وأكّدت أن استخدام الناشر لـ"تويتر" مسألة ترتبط باهتمامات الجمهور وشركات الإعلانات والمعلنين. وبحسب ابرهيم فإن شركة "تويتر" تجني الأموال عبر ربط العلامة التجارية بمضمون موقع "تويتر" والترويج لها عبره. واعتبرت "أن "تويتر" يجني الأموال ولا يخسر إذ في العام الماضي جمع ملياري دولار وركّز على إدخال تحديثات وتسهيلات مثل اللايف فيديو والفيديو ما يمكن أن يساعد الشركة على مزيد من الأرباح في العام المقبل. وأشارت إلى أن تويتر يحقق ايراداته من الإعلانات ومن خلال تقاسم واردات الإعلانات مع المعلنين لدينا".

صحافة الفيديو: دراسة حالة AJ+ في "الجزيرة"

كما عقدت جلسة حول صحافة الفيديو الرقمية قدمت فيها دراسة حالة لمنصّة AJ+ التابعة لقناة "الجزيرة". تناولت الجلسة مسألة انتقال العديد من المؤسسات الاعلامية لانتاج الفيديوات، وسألت: هل انتاج الفيديوات ضرورة لنجاح الإعلام الرقمي؟ ما هي الادوات الاكثر فاعليّة؟

يسّر الجلسة الصحافي نصير الجزائري، من أكادمية "دوتشيه فيلليه في المانيا. تحدّثت فيها ديمة خطيب، المديرة العامة فيAJ+  الجزيرة، قالت: "لا تعتبر الفيديوات النموذج الناجح الوحيد، إذ هناك العديد من النماذج الناجحة، لكن يجب معرفة كيف ومتى يمكن استخدامها. وتعتبر AJ+ العربي نسخة من AJ+ الانكليزية، والفكرة هي دمج الصور والنصوص مع الفيديو وشهدت اقبال كبير من الجمهور الشبابي بشكل خاص".

تابعت "ما تبين من تجربة AJ+ ان الشباب يرغبون بالاخبار الايجابية التي ترفض الارهاب والقتل، لذا شكلنا فريقاً من الصحافيين لتنويع الآراء والأفكار. لدينا فريق عمل في الدوحة يصل الى 50 صحافي من خلفيات متنوعة".

وأكدت خطيب "أن AJ+ تتناول مواضيع مختلفة نحاول من خلالها تسليط الضوء على الثقافة والسياسة والاخبار الاجتماعية. وAJ+ ممولة من قناة "الجزيرة" وعلى الرغم من ذلك حاولنا جني الاموال من خدمتنا لكن من دون المغامرة بصورتنا الاعلامية امام الجمهور".

اما عن طريقة استهداف الجمهور، فأشارت خطيب الى "ان تفاعل الجمهور الذي يتابعنا ساهم في تعرّفنا إلى نوعه ونوعية المواد الاعلامية التي يرغب في مشاهدتها. لذا مزجنا بين الصحافة الاخلاقية، المهنية والفيديو بشكل مهنيّ وبنوعية جيدة الأمر الذي يميزنا عن سوانا".

في ما يتعلّق بالتحديات التي تواجهها AJ+ في عملها اليومي، أكدت خطيب "ان الافكار المطروحة وطريقة تناول القضية وصياغة المحتوى هي التحدي الأكبر في عملنا اليومي. وعمل "الجزيرة" بالرغم من الانتقادات ساهم في وصولها الى كافة انحاء العالم وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية".

ورأت أن "تغطية AJ+ تختلف باختلاف الجمهور المستهدف، فمثلاً تقرير عن اللاجئات السوريات اللواتي يستخدمن الدرجات الهوائية للتنقّل لم يتقبله جمهور AJ+ العربية على عكس جمهور AJ+ الانكليزية".

جلسة: رعاية الإيرادات عبر التركيز على قسم التسويق

كما عقدت جلسة تفاعلية حول "رعاية الإيرادات عبر التركيز على قسم التسويق"، تعاون على إدارتها ساندرا فان ايديغ ومارتن فوغل من أكاديمية "دوتشيه فيلليه"، وتحدّث فيها كلّ من ماريا فرونوشوك مؤسسة مشاركة ومديرة قسم التسويق في platfor.ma في أوكرانيا، وشكيب عبدالله مدرب في أكاديمية "دوتشيه فيلليه" في ألمانيا، من تونس.

اهتمت الجلسة قسم التسويق في المؤسسات الاعلامية، خصوصاً أن هذا القسم في البلدان النامية يعاني من قلة تنظيم ويكون فريق العمل غير مدرب بشكل جيد. علماً أن قسم التسويق يلعب دوراً رئيسياً في زيادة الايرادات بما انه جهة الاتصال الرئيسية مع شركات الاعلانات المحتملة والشركاء آخرين.

تحدّثت ايديغ عن تركيز "دوتشيه فيلليه" على التسويق وليس فقط على الصحافة إذ بدأت المؤسسة بمناقشة ديمومة وسائل الإعلام الرقمي منذ سنوات، وأكدت أن "العام المقبل سوف نطلق مع مؤسسة "مهارات" في لبنان برنامجاً حول كيفية التخصص في مجال إدراة الإعلام والتسويق في المنطقة العربية، نظراً إلى أهمية الموضوع".

عبدالله

اعتبر عبدلله أن "استراتيجية مؤسسته تقضي بدعم شراكائنا، حيث يمكننا ملاحظة التطور في قسم التسويق مع من نتعامل معهم". في ما يخصّ جمع الأموال، قال: "لا نخصص غالباً اهتماما كبيراً لقسم التسويق، لكن علينا أن نعرف أن هذا القسم هام جدا لكل مؤسسة وثمة أهمية كبيرة للعلاقة بين التسويق والوسيلة الإعلامية بما يهدف إلى ضمان استمرارية واستقلالية المؤسسة التي نعمل فيها مالياً". وعن تلقي العاملين في المؤسسات الإعلامية في تونس للتدريب أو الدروس بما يخص مادة التسويق في تونس، أكّد "أنه لا توجد دروس مخصّصة لهم في الجامعات لكننا نتبادل الخبرات والاستشارات". وزاد قائلاً "على كل صحافي أن يفهم العلاقة الوثيقة بين التسويق والصحافة وأيضاً مع قسم الانتاج لضمان استمرار أي صحيفة".

فرونوشوك

من جانبها، أشارت فرونوشوك إلى "أن الوضع صعب في أوكرانيا في ما يخص توفير المال للإعلام لأن معظم الوسائل والشركات تعود للسياسيين وأصحاب النفوذ والمال، لذا علينا أن نبتكر في كل يوم من أجل الاستمرار". لافتتة إلى تجربة مؤسستها، قالت "أصبحنا الآن ندر الأموال ونستثمرها من المشاريع الخاصة التي أطلقناها منذ 5 سنوات، على الرغم من أننا لا نملك مموّلين". وأضافت "نعمل مع الكثير من المعلنين المرموقين حول العالم، ممن يؤمنون بالقيم التي نؤمن بها".

وميّزت فرونوشوك في مداخلتها بين قسم التسويق وقسم المبيعات المختلفين تماماً، معتبرةً أن "قسم البيعات يبيع لأي كان، أما قسم التسويق فعليه أن يفكر في المحتوى والجودة والجمهور المستهدف ويعمل بأسلوب خاص للتركيز على الرسالة التي نعمل على إيصالها".

وعن دخول التسويق إلى مؤسستهم، أكّدت "أن كل من يعمل معنا يتلقى دروساً في التسويق "الماركيتينغ"، في كلية للأعمال". وعن إدخال مادة التسويق بأسلوب مطوّر إلى الجامعات، رأت "أنه يمكن الإفادة من الكتب والمنطق وعرض الاستراتيجيات خلال الحصص".

وعن إمكانية الحفاظ على الاستقلالية المالية بينما يفرض مجال التسويق العمل مع المعلنين لضمان المردود المالي، قالت: "استراتيجيتنا تسهّل علينا الاستقلال المادي، لأننا نعمل مع أفضل المعلنين في السوق ومن العصب جذبهم خصوصاً أن عدد المعلنين كبير، لكن عندما نستهدف جمهوراً عالي الجودة علينا أن نعرف من نختار بين المعلنين". وعن جودة المحتوى الإعلاني وعدم التفريط بالصدقية والاستقلالية للمؤسسة الإعلامية، أكدّت "لم نواجه أي أخطاء في الإعلانات، نحن نقنع المعلن أننا لا نتحدث بشكل مباشر عنه لكننا نكتب عن استراتيجيته بما يخدم رسالته وأهدافه. عندما نبيع المحتوى لا ننتظر فقط الأموال من المعلن بل نجري أبحاثاً وتحليلات حول المعلن والجمهور المستهدف وحول المحتوى الذي يجب أن ننشره".

ورشة عمل حول التمويل الجماعي Crowd Funding

وكانت ورشة عمل حول التمويل الجماعي Crowd Funding، تضمنت عرض نماذج التمويل الجماعي الذي يعتبر بصيص امل لمستقبل تمويل جودة الاعلام الرقمي. وتطرق النقاش الى اخر التطورات المتعلقة بالتمويل الجماعي.

يسّر الجلسة كريستيان فهرنباخ، عضو مؤسس فيKrautreporter  في المانيا، الذي اعتبر في بداية الجلسة "انه ومن خلال تجربته فإن الصحافيين لا يسوّقون المحتوى بشكل جيد، لذلك من المهم عرض الأرقام والحقائق، والتركيز على 60 في المئة من الجمهور، وهؤلاء سيموّلون مشروعنا".

ثم عرض جاروسلاف فالوش، مدير مشروع press start من التشيك، تجربة موقع press start الذي ساهم في تمويل الصحافيين من اجل تغطية تكاليف القصص الصحافية اليومية التي ينتجونها. كما انه يمول الحملات الاعلامية مثل حملة انقاذ المباني التي تحمل إرثاً ثقافياً وتاريخياً في لبنان.

أكّد فالوش "أن حجم الأموال التي يتمّ جمعها من خلال الموقع لكل صحافي يتراوح بين 500- 1500 دولار، وهو مبلغ يعتبر كافياً من أجل تمويل الصحافي لانتاج قصته الصحافية".

وقالت نور عتريسي، من موقع Zoomaal  من لبنان، إن "هناك الكثير من الافكار الخلاقة التي لا تجد التمويل من اجل انجازها، لذلك اطلقنا هذه المنصة وساعدنا 150 مشروعاً بقيمة 2 مليون دولار. وتتنوع المشاريع التي يمولها Zoomaal  من سوريا والإمارات والأردن، إضافة الى العديد من الدول الاخرى". اما عن شروط التمويل  بحسب عتريسي "فهي تتعلق بأهمية المشروع ونوع المحتوى، وفي حال كان المحتوى ممنوع او تحريضيّ يرفض Zoomaal  تمويله".

واعتبرت عتريسي "انه ثمة دور لعائلة واصدقاء الشخص الذي يبحث عن التمويل في دعمه، لان المشروع لا يظهر على موقع Zoomaal الاّ اذا وصلت نسبة التمويل الى 30 في المئة".

كيف يمكن مطابقة جودة المحتوى الإعلامي مع متطلبات شركات الاعلانات؟

في هذه الجلسة فتح النقاش حول "كيفية مطابقة جودة المضمون الإعلامي مع متطلبات شركات الاعلانات لانتشار أوسع؟". الانطلاقة كانت مع مسألة طلب شركات الاعلانات من المؤسسات الاعلامية انتاج محتوى خفيف لجذب انتباه القرّاء، وحاول المشاركون الإجابة عن الأسئلة التالية: كيف يمكن للمؤسسات الاعلامية التي تركز على جودة المضمون ان تتماشى مع التوجهات نحو محتوى اقل جودة ومسلٍّ؟ وكيف يمكن للمؤسسات الاعلامية تقديم مقترحات مبنية على جودة المضمون لشركات الاعلانات؟.

يسّرت الجلسة ليال بهنام، مديرة البرامج في مؤسسة "مهارات" في لبنان، وتحدّث فيها عدد من العاملين في المجال الإعلامي في لبنان والعالم العربي وألمانيا، حول كيفية مطابقة المحتوى ذي الجودة مع توجهات المعلنين وطلباتهم.

أبي صعب

تحدث بداية، بيار أبي صعب، صحافي وناقد ونائب رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" اللبنانية، عن التحديات التي تواجهها صحيفته في انتقالها إلى الموقع الإلكتروني، قال: "عند الحديث عن محتوى جيّد ندخل منطقة ملتبسة من حيث التعريف، وعن فكرة المبيع وتحقيق المهنة أعطى مثالا عن العقد الفاوستي - الشيطاني بين الصحافي والمعلن والأهم أن يبقى الصحافي قادراً على إبداء رأيه". وتطرق إلى تجربة المياومين وصحيفة "الأخبار".

واعتبر أن موقع صحيفة "الأخبار" كان "في عام 2006 موقعاً رائداً عند انطلاقته، وتوسّع جمهوره. نحن نعتبر أن الفضاء الافتراضي هو فضاء حرّ، لكن ثمة حسابات أخرى مثل حذف موقع "فايسبوك" لصفحة قناة "المنار" أو للآراء المناهضة لإسرائيل". وسأل "أين تدخل هنا الرقابة؟". ثم تطرق الى الصراع بين المعلن الذي يهتم بالمبيع وبين الصحافي، حيث تمّت وفق تعبيره "التضحية بالمحتوى الجيّد على حساب المبيع والرواج والنجاح". ورأى "أنه ثمة كباش مع المعلن إذ نحتاج لبعضنا. فالمعادلة معقدة وصعبة خصوصاً أنه يسهل التلاعب بالرأي العام في منطقتنا". وشدّد على أهمية الأخلاق والعمل وفق الشرعة الأخلاقية للمهنة.

وأضاف أبي صعب "إننا في العالم العربي متأخرون في فتح النقاشات حول المحتوى الجيد، وعلينا التوفيق بين ما نريد أن نوصله للجمهور والمتطلبات المتنوعة لهذا الجمهور مع الحفاظ على المعلنين". وعن تطوير المحتوى في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الصحف اعتبر "أن المسألة ستأخذ وقتاً لكن ستمنع نمو الطفيليات في المهنة وستُجبر المؤسسات على اعتماد السياسيات العقلانية اقتصادياً على عكس ما بدأته بتوظيف أعداد كبيرة من الصحافيين"، وأعرب عن تعاطفه مع المصروفين ومع أزمة المهنة.

الجمري

من جانبه اعتبر منصور الجمري، رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "الوسط" في البحرين، أنه "ثمة نموذجان للمحتوى مثل "بي بي سي" و"دوتشيه فيلليه"، مشكلتنا نحن أننا نريد المال كي ندفع للموظفين، المحتوى الجيد يحتاج الكثير من الوقت والتدقيق، تحت الضغط ولزيادة حركة المرور لوسيلتك تلجأ إلى المحتوى السهل". وعرض لأمثلة عن أخبار نشروها، سماها "تافهة" لكنها حققت نسبة مشاهدة مرتفعة خارج البحرين.

خضر

أما دميتري خضر، المدير العام لتلفزيون "الجديد" في لبنان، فتطرّق الى مسألة النسخ بين المواقع حتى على خبر كاذب او متدني القيمة، واعتبر أن هكذا أخبار لا تحقق جمع الأموال على عكس ما هو رائج، وقال "لنكرر السؤال حول طبيعة مهنتنا كصحافيين ومن هو مديري هل رئيس مجلس الادارة او الجمهور؟ فإذا كان الأخير علي أن اقدم الأخبار التي تخدم ما يريده اذا اعتبرته انه مموّلي".

ورأى "أن الموديل الحديث اليوم يعتمد على المحتوى الذي يمكن بيعه"، وأعلن أنه "ثمة صراع حقيقي داخل مؤسستي بين المعلن والإدارة والصحافيين لأنها غير مرتكزة على القواد التجارية وفيها قيمة معنوية للعمل الصحافي".

ترزكا

من جهته أكد بيتر ترزكا، مخطط استراتيجي للمحتوى الرقمي في ألمانيا، أنه "لا يمكن تحديد كلمة جيد لأن المفهوم يختلف بين الأشخاص، ثمة  ركائز للصحافيين ودور النشر: ما هو الخط الذي أتبعه وما هي مجالات خبرتي، ما هو الجمهور وهو غير موجود بشكل ثابت بل يتحرك بحسب اهتامامته ووقته".

أضاف "ربما يودّ الجمهور مشاهدة فيديوات مضحكة عن القطط، نحن كصحافيين علينا الا ننظر فقط إلى ما يريده الجمهور بل الى اخلاقياتنا. يمكنه= الجمهور البحث عن هكذا فيديوات في مكان آخر مثل غوغل". وتابع "علينا أن نسأل ما الذي يريه المعلنون؟ أن يبيعوا منتجا ما، لكن المعلن يحبث عن موقع يقدّم المحتوى الجيّد موثوق من القراء".  وأعطى مثالاً، قال "إن شركة "مرسيديس بينز" لن تضع إعلانا على موقع يضع فيديوات عن القطط، ربما تقوم بذلك شركة تبيع مأكولات مخصصة للهررة". ودلّل على أهمية الهدف الذي تودّ المؤسسات الإعلامية تحقيقه وأي نوعية من المعلنين تريد التعامل معها، وأعلن "أنه في ألمانيا خسرنا المعلنين لفترة في الصحيفة التي أعمل فيها، بسبب قرار اتخذته ادارة التحرير للحفاظ على الجودة، لكن المعلنين عادوا الينا لاحقا لأننا صحيفة برهنت أنها جدّية".

وختم "إن لم تحاول الصحف، أن تقع ثم تقف، وأن تبحث عن افكار جديدة وتكرّر المحاولة بنفسها حتى تحقّق تجربتها الخاصة. إذا لم تفعل ذلك فإنها لن تصل إلى تحقيق استمراريتها"، معتبراً أنه يمكن الإفادة من تجارب الآخرين لكنها تبقى تجاربهم الخاصة.

ما هو الوضع الراهن لبرامج حجب الاعلانات عبر الانترنت؟

عرضت هذه الجلسة لبرامج حجب الاعلانات وتهديدها لمدخول الناشرين، وتزايد استخدامها بشكل كبير. أدار الجلسة مارتن فوغل، مدير مشاريع أكاديمية "دوتشيه فيلليه". وتحدّث فيها ماثيو كورتلاند، رئيس قسم التواصل في PageFair من ايرلندا.

كورتلاند

قدّم كورتلاند شرحاً لكيفية حجب الاعلانات على المواقع من خلال الـAd Blocking، وعرض لنمو هذه البرامج عبر الكمبيوتر والهواتف، "إذ إن نحو 200 مليون ناشط عبر الكمبيوتر و300 مليون ناشط عبر الهاتف الخليوي يعتمدون هذه الخدمة، أي نحو نصف مليار ناشط في هاتين الوسيلتين يلجأون إلى حجب الإعلانات".

أضاف "عندما سمحت شركة "آبل" بحجب الاعلانات منذ أيلول 2015 بدأنا بالتشارك مع شركة خاصة للنظر الى حجب الاعلانات في العالم. إن كل من يحمّل الـUC Browserيحجب الاعلانات تلقائياً". وإذ حاولت PageFair معرفة لم يستخدم الجمهور حجب الاعلانات عبر بيانات واحصاءات، وجدت بحسب كورتلاند "أنه من يحجبون الاعلانات لا يقومون بذلك لأنهم يكرهون الاعلانات وحسب، بل إن السبب الاساسي هو خوفهم من الفيروسات، إضافة إلى أسباب أخرى".

وأعلن أنهم كشركة "لا نشجع استخدام حجب الاعلانات، وقد احتجنا الى 6 سنوات للوصول الى نتائج ناجحة في PageFair. يمكننا اعادة الاعلانات الى الـblocked web، كيف ذلك؟ مهمتنا أن يبقى الويب حراً، وعلينا أن نعرف رأي المستخدمين الذين يؤكدون أنهم لا يريدون أن يقاطعهم أحد وأن يكون استخدام الويب آمنا ومن هنا بدأنا بحلّ هذه المشاكل". وأكّد "عملنا هو في حلّ المشاكل التي تؤدي إلى حجب الإعلانات حتى نتمكن من إعادة إظهارها".

وتابع "نتعاون مع شركات خاصة بالبرمجيات الالكترونية لتحقيق هذا الهدف وفهم أسباب الحجب. مثلاً استرد "فايسبوك" 720 مليون دولار بعد توقفه عن حجب الإعلانات إنما بعدما أمّن حماية الاعلانات ومن خلال حملات تثقيفية للمستخدمين، أي أنهم استمعوا الى المستخدمين ثم حلوا المشاكل والمخاوف عندهم، ثم حموا الإعلانات ولم يحجبوها. إنها استراتيجيتنا أيضاً".

فترة ما بعد تمويل المانحين

تناولت إحدى جلسات اليوم الثاني لمؤتمر "ديمومة الإعلام الرقمي"، مسألة "فترة ما بعد تمويل المانحين" للمؤسسات الإعلامية. يسّر الجلسة باتريس شنايدر، مدير الشؤون الاستراتيجية في صندوق الاستثمار لتطوير الاعلام MDIF في الولايات المتحدة الامريكية. تخلّلها مداخلات من بعض المبادرات الواعدة في الاسواق النامية التي تمكنت من جذب التمويل من منظمات مانحة لتأمين الاستمرارية. وطرح السؤال حول تأمين الديمومة للمانحين والمؤسسات الاعلامية بعد انتهاء التمويل.

الحج يوسف

بادرت لوجينا الحج يوسف، من راديو "روزانا" السوري الذي تأسس عام 2013 في فرنسا، بالحديث عن تجربة مؤسستها الحديثة نسبياً وهي تتعاطى الشأن السياسي والاجتماعي السوري من خارج البلاد بعد الأزمة السورية، قالت حول تأمين التمويل للانطلاقة: "عملنا على تأسيس شراكات مع منظمات غير حكومية لها صدقيتها. كما سعينا لاحقاً إلى تطوير اسلوب عملنا وشاركنا في تحقيقات استقصائية كما شاركنا في وثائق بانما". وعن استدامة مؤسستها بعد انتهاء التمويل، شرحت أن "تمويلنا الأساسي من IMS مع تمويل صغير من شركاء آخرين، خلال 5 سنوات سيكون لدينا تمويل من IMS لكنه سيكون بشكل تناقصي من هنا بدأنا بإيجاد آليات لا نعلم مدى نجاحها حتى الآن خصوصاً أننا نبث من تركيا وفرنسا والاستقرار السياسي يشكل لنا هاجساً. من ناحية ثانية عملنا على بناء خبرات لدى فريق عملنا للبدء بتدريب صحافيين آخرين عبر أكاديمية مثلاً لتمويل ذاتنا".

كايسر

ثم تحدّثت استريد كايسر، من الوزارة الفدرالية الالمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، قالت: "نحن مسؤولون عن تطوير الاعلام ونعمل مع الأكاديمية الالمانية ومع منظمات غير حكومية في أكثر من 30 بلداً، وتصل موازنتنا السنوية الى 20 مليون يورو لتطوير الاعلام. صحيح، إنها مبالغ كبيرة لكنها تدفع للترويج لحرية التعبير ونفاذ المعلومات. شريكتنا الأساسية هي "دوتشيه فيلليه أكاديمي" وكذلك نتعاون مع منظمة "صحافيون بلا حدود" وننفذ مشروعاً بشأن رصد ملكيّة وسائل الاعلام وقد أزعجت السيد أردوغان (الرئيس التركي رجب طيب أردوغان) وأنا سعيدة بذلك. ثمة تكافل بين الجهات المانحة ومن يحصلون على هذه الأموال".

عواد

من جانبه عرض جورج عواد، مدير التواصل في مكتب اليونسكو الاقليمي في بيروت، لمهمّة قطاع التواصل والمعلومات في اليونيسكو، ورأى أن "هذا القطاع يشكل منصة للدفاع عن الحريات وتطوير وسائل الإعلام إذ لدينا برامج تتناول النفاذ الى المعلومات ونقوم بتمويل عدد من وسائل الاعلام لتطوير نماذجها. كما طورنا مجال بناء القدرات، وعملنا على مؤشر لتطوّر الإعلام وكيف يمكن تحقيق ذلك على المستوى الوطني. وقمنا مع اكاديمية "دوتشيه فيلليه" بتطوير مؤشرات حول ديمومة الاعلام من أجل هذا المؤتمر، ونحاول العمل مع الدول الأعضاء والصحافيين والمجمع المدني من أجل تطوير الاعلام". وأضاف "نحن بالنسبة للأمم المتحدة نعتبر وكالة تنفيذية، وموقعنا في المكان الوسط أي بين جمع الأموال وإعادة توزيعها، وتبلغ موازنتنا نحو 3.5 ملوين دولار سنويا".

جانسن

كما داخل مايك ايرفينغ جانسن، مدير قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مؤسسة الدعم الدولي الاعلامي من الدانمرك، قال: "نحن في الوسط على سلسلة التمويل، IMS تعمل على تمويل الاعلام وتطويره، لكنها ليست من الجهات المانحة لذلك نبحث عن شركاء يحاولون التوصل الى استقلاليّة تحريريّة واستدامة، من هنا أهمية السماع لهم ولطلباتهم. نتحمل مسؤولية تقضي في المساعدة على الخروج من المشكلة في ديمومة الاعلام".

وفتح المجال للأسئلة والنقاش.